#وصية_قرائية


صديقي القارئ التائه الذي سألني عدة أسئلة بصيغ متشابهة تدور في معنىً واحد، وبيقيني بأنه قد تداعت في رأسك عشراتُ التساؤلات.. خذ مني هذه كوصية، أو تجربة، أو سمّها ماشئت..
بإمكاني اختصار كل شيء في قولي: اصنع تجربتك القرائية بنفسك
أول شروط هذه التجربة: أن تركز اهتمامك بالمحتوى اكثر من اهتمامك بمدى رواجه وإنتشاره بين الناس، بل اجعل الأخير هو آخر معاييرك.
اقرأ الكتاب لأنك مقتنع به، لأن محتواه أعجبك، لأن عنوانه شدّك، أقرأ الكتاب لأن رسمة الغلاف كانت مدهشة، أو حتى لمجرد شعورك بأنه كتاب جيّد، أو لأنه يتّسم بالغموض والغرابة
أفعل هذا كله يا صديقي.. ولكن لا تقرأ كتابًا لمجرد كونه إختيار أشخاص آخرين أو لكونه الأكثر مبيعًا!
لا تتردد في أن تتجول في المكتبة وتختار كتابًا لم تسمع به من قبل، ليس مشهورًا وليست له مراجعات في قودريدز ولم يقيمه الكثير من القراء، ما المانع في هذا؟ اصنع أنت تجربتك في قراءة هذا الكتاب وعبّر عن رأيك فيه.. في الحقيقة كل الكتب المشهورة اليوم كانت بدايتها هكذا، قارئ شغوف قرأ الكتاب وعبّر عن رأيه فيه وحدّث عنه الناس، وهكذا
يجب علينا كذلك أن ندرك دائرة ذائقتنا تتسع مع مرور الزمن، فبعد أن كانت إختياراتنا قبل سنوات عديدة محصورة على مجتمع صغير لا يتجاوز العائلة، كبرنا وخرجنا إلى مجتمع واسع وبدأنا نحكم على الأشياء ونقيمها حسب ذائقة ملايين من البشر، وتأثر بذلك ذوقنا الفردي بالذوق العام.
تختار حسب مايختاره المجتمع، تبدي رأيك حول شيء ما حسب رأي المجتمع فيه، تقيم كتابًا حسب تقييم الناس له!
رغم أن الإنسان كائن مجتمعي بالفطرة، يميل إلى تبنّي آراء الجموع حتى لايشعر بالوحدة ويوصف بالغرابة، لا تتردد في أن تقف منتصرًا لذائقتك أنت، وتعلن بصراحة أنك تملك رأيًا آخر في كل الأشياء التي أبدى المجتمع رأيًا واحدًا فيها، عبّر عن رأيك الحقيقي بلا تردد ودون أي معايير مجتمعية سابقة.
اقرأ كل مايقع في يدك دون أن تفكر كثيرًا في جودته أو مدى شهرته، ولا تقلق أبدًا حيال هذا لأن حصيلتك القرائية ستتحسن مع مرور الزمن والكتب..
اصقل ذائقتك القرائية بالممارسة وكثرة التجربة، جرب الجيد والسيء، الممتع والممل.. وتذكر بأنك لن تعرف حقًا ما تحب، إن لم تجرب ما لا تحب.
ولن تميّز الكتب الجيدة عن الرديئة، إن لم توسّع إختياراتك وتجرب كل شيء..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحياة الثانوية - تجربة ونصائح

ما وراء الصُدف

ثقافة الفضفضة