ما وراء الصُدف

الإبتسامة التي علت وجهك عندما نطقت أنت وصديقك الكلمة ذاتها في وقتٍ واحد، تلك الفرصة الهائلة التي لم تتوقعها، تلك النصيحة الثمينة من غريب، ذلك السطر الذي قرأته من كتاب ووافق موقفك ومشاعرك كما لو أنه كُتب لتلك اللحظة فقط..
هل يمكن أن يكون كل هذا مجرد صُدفة؟
أم الأصح أن وراء كل هذا رسائل خفيّة، وتدبيرًا عظيمًا لاندركه؟
مفهوم الصدفة بأصله يعتبر جزءًا من واقع الإنسان، لأنها تعني حدوث شيء خارج نطاق معرفته أو إدراكه فقط، وهذا لايعني أن هذا لم يقرر مسبقًا وإنما حدث فجأة، بل هو صدفة لأنه لا يعلم عنه شيئًا سلفًا ويأتي بلا توقع منه أوشعور..
جدير بالذكر أنه يوجد عشرات التفسيرات العلمية والنفسية لظواهر الصدف التي تمر بالإنسان، منها ما يقول مثلًا بأنه عند تفكيرك بشخص وتفكيره بك يتشكل بينكما حبلٌ فكري يجذب بينكما، وبالتالي سيُطبق (قانون الجذب) المعروف في البرمجة اللغوية العصبية، لأن كليكما يفكر بالآخر، وسيجمع بينكما مكان أو موقف


أما أن تقول أنت وصديقك الكلمة نفسها في الوقت نفسه بلا تخطيط مثلًا..
فهذه علميًا تسمى ظاهرة الإفضاء entrainment وهو مصطلح فيزيائي يعني أن نظامين دائرين يصلان إلى التزامن، توصل إليه كريستيان هينغز عام 1665 بعد اكتشافه أن ساعتيه من ذوات البندول اللتين تقفان بجانب بعضهما تبدآن بالتأرجح بحركة موحدة، حتى و إن تلاعب بأحدهما!


يقول سبحانه وتعالى "إنا كل شيء خلقناه بقدر"
لا شيء يحدث في هذا الكون عبثًا أو صدفة، بِدءًا من الظواهر الكونية الكبرى حتى دقائق تفاصيل حياتنا اليومية،هذا الخلق العظيم من ربّ عظيم سبحانه لا يحتمل العشوائية..
إِنَّ وجود نظام يرتب الكون بدلًا من الفوضى، لدليل واضح على أن كل هذه الحوادث تجري وفق قواعد وأسس معينة لاتحيدُ عنها.. كل شيء بحكمة
ويقول البروفسور أدوين كونكلين: إنّ افتراض أن الكون أتى عن طريق الصدفة، لا يختلف عن قولنا إن قاموسًا لغويًا ضخمًا أنتجته المطبعة إثْر انفجار فيها*


علينا جميعًا إذًا أن نوسع مداركنا، ونحاول استيعاب هذه الرسائل الإلهية في حياتنا، وأنه لا شيء يمرّ عبثًا، ولا صدفة..
رسائل الله لنا التي تأتي في وقتها المناسب تمامًا، قد تكون على هيئة أشخاص، مواقف، أوابتلاءات
حتى ذلك الشخص الذي دخل حياتك لفترة، ثم خرج منها..
قد تحدث نفسك أنك عرفته مصادفة، وفارقته أيضًا بلا مبرر، لكن هذا جزءٌ من تدبير الله لك،هو جاء لينفذ دوره المكتوب في حياتك ثم يمضي..
قد يكون هذا المؤثر في حياتك صديقًا، معلمًا، وربما غريبًا
وهؤلاء يمنحونك كنوزًا غالية ودروسًا ثمينة في الحياة قد لاتدركها بنفسك ويكون لهم عظيم الأثر في حياتك..
إذًا هم ليسوا مجرد صدفة عابرة، هم رسل الله إليك
عليك أن تكون يقظًا مدركًا لذلك

لا مكان يا صديقي للصدف في هذا العالم المعجز.. فقط تأمّل

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحياة الثانوية - تجربة ونصائح

ثقافة الفضفضة